آية 18: وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ.
الخمر: هي إحدى خداعات العدو لينسى الإنسان ما يضايقه ويحصل على ساعات فرح، لكنه فرح ظاهري غاش ليس من ورائه سوى تخريب الحياة وغياب العقل والمقارنة بين الروح والخمر:
1. يتصور المرء أن في الخمر فرح ونسيان لهمومه، وهذا خداع، فالفرح الحقيقي هو ثمر للروح القدس.
2. في كليهما (الروح القدس والخمر) يخضع الإنسان تحت تأثير قوة تسيطر عليه وعلى إرادته وسلوكه.
3. السكران يصدر كلمات مجنونة، أمّا الممتلئ بالروح فهو يسبح.
بل امتلئوا بالروح: الروح هو الذي يعطي الفرح الحقيقي. والروح القدس موجود وحاضر بفعل العماد والميرون. ولكن علينا أن نجاهد لنمتلئ أو نهيئ له الحرية للعمل بلا عائق حتى الملء، علينا أن نضرم الموهبة التي حصلنا عليها بالجهاد والتوبة والصلاة. والامتلاء بالروح لا يعني حلًا خارجيًا نتقبله، وإنما هو قبول عمل الروح فينا والتمتع بقوته العاملة داخل النفس، فالروح يعطي للإنسان قدر استعداده وقدر ما يفتح قلبه وقدر ما يطلب. وبالصلاة تتقابل أرواحنا مع روح الله وعدم التوبة معناها مقاومة روح الله. إن من يمتلئ من الروح يفرح كمن شرب خمر الروح. وقوله امتلاء أي لا مكان لشيء آخر، فالروح يملأ المؤمن بفرح لا يحتاج معهُ لفرح من الخارج. وإن دعاني أحد لوسيلة أخرى للفرح سأرفض كمن يدعوك للطعام وبطنك ممتلئة جدًا، وفي حالة شبع كامل، بالتأكيد سترفض وبشكل عام يكون المعنى.. لا تفرحوا بملذات العالم، بل حاولوا أن تكتشفوا أفراح الروح القدس، وما الخطورة على من لم يكتشف أفراح الروح القدس؟ الشيطان مستعد أن يجعلك تعمل معجزات لكن لا تكتشف الوسيلة التي بها تحصل على أفراح الروح القدس.. لماذا؟ لأن الشيطان يعرف أن العالم ملئ بالآلام والتجارب. فماذا يفعل الإنسان المختبر لأفراح الروح القدس وقت التجربة، هو سوف يجري إلى مخدعه ليصلي فيمتلئ تعزية وفرح وقت الضيقة. أما الذي لم يختبر أفراح الروح القدس، فهو يكون صيدٌ ثمين لإبليس. فإبليس سيشكو الله في أذن مثل هذا الإنسان، مصورًا له قسوة الله الذي سمح له بهذه التجربة، فيصطدم هذا الإنسان بالله ويترك الله فيضيع ويزداد حزنًا على حزن إلى أن يهلك. لذلك فالملذات هي سلاح إبليس يُلهي بها أولاد الله عن أن يكتشفوا أفراح وتعزيات الروح القدس التي يجدونها في التسبيح والصلاة في المخدع.
ومن يسكر بالخمر يغني ويتمايل ويصيح بطرق غير محترمة وغير لائقة، أمّا من يفرح بالروح فهو يسبح، ومن يسبح يزداد امتلاءً وحينئذ يفرح أكثر فيسبح. وهكذا.
حساب المسيحي - 2018