موقع النسور المسيحية موقع النسور المسيحية
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

سفر طوبيا

 الاصحاح الأول

1 كَانَ طُوبِيَّا وَهُوَ مِنْ سِبْطِ وَمَدِينَةِ نَفْتَالِي الَّتِي فِي الْجَلِيلِ الأَعْلَى فَوْقَ نَحْشُونَ وَرَاءَ الطَّرِيقِ الآخِذِ غَرْباً وَإِلَى يَسَارِهَا مَدِينَةُ صَفَتَ،

2 قَدْ جُلِيَ فِي عَهْدِ شَلْمَنْأَسَرَ مَلِكِ أَشُّورَ إِلاَّ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْجَلاَءِ لَمْ يُفَارِقْ سَبِيلَ الْحَقِّ،

3 حَتَّى كَانَ كُلُّ مَا يَتَيَسَّرُ لَهُ يَقْسِمُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَنْ جُلِيَ مَعَهُ مِنْ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ مِنْ جِنْسِهِ.

4 وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ أَحْدَثَ الْجَمِيعِ فِي سِبْطِ نَفْتَالِيَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ شُؤُونِ الأَحْدَاثِ.

5 وَكَانَ إِذَا قَصَدُوا كُلُّهُمْ عُجُولَ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا يَارُبْعَامُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، يَتَخَلَّفُ وَحْدَهُ عَنْ سَائِرِهِمْ

6 فَيَمْضِي إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ، وَهُنَاكَ كَانَ يَسْجُدُ لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، وَيُوفِي جَمِيعَ بَوَاكِيرِهِ وَأَعْشَارِهِ.

7 وَإِذَا كَانَتِ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ كَانَ يَجْعَلُ جَمِيعَ أَعْشَارِهِ لِلدُّخَلاَءِ وَالْغُرَبَاءِ.

8 وَعَلَى هذَا وَأَمْثَالِهِ، كَانَ مُثَابِراً مُنْذُ صَبْوَتِهِ عَلَى وَفْقِ شَرِيعَةِ اللهِ.

9 وَلَمَّا أَنْ صَارَ رَجُلاً، اتَّخَذَ لَهُ امْرَأَةً مِنْ سِبْطِهِ اسْمُهَا حَنَّةُ، فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ،

10 وَأَدَّبَهُ مُنْذُ صِغَرِهِ عَلَى تَقْوَى اللهِ وَاجْتِنَابِ كُلِّ خَطِيئَةٍ.

11 وَلَمَّا جُلِيَ مَعَ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ إِلَى مَدِينَةِ نِينَوَى، حَيْثُ كَانَتْ كُلُّ عَشِيرَتِهِ،

12 وَقَدْ كَانُوا كُلُّهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْ أَطْعِمَةِ الأُمَمِ، كَانَ هُوَ يَصُونُ نَفْسَهُ وَلَمْ يَتَنَجَّسْ قَطُّ بِمَأْكُولاَتِهِمْ.

13 وَلأَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ الرَّبَّ بِكُلِّ قَلْبِهِ، أَتَاهُ اللهُ حُظْوَةً لَدَى الْمَلِكِ شَلْمَنْأَسَرَ،

14 فَأَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ حَيْثُمَا شَاءَ وَيَفْعَلَ مَا يُرِيدُ.

15 فَكَانَ يَطُوفُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ فِي الْجَلاَءِ، وَيُرْشِدُهُمْ بِنَصَائِحِ الْخَلاَصِ.

16 ثُمَّ إِنَّهُ قَدِمَ رَاجِيسَ مَدِينَةَ مَادَايَ، وَكَانَ مَعَهُ مِمَّا آثَرَهُ بِهِ الْمَلِكُ عَشَرَةُ قَنَاطِيرَ مِنَ الْفِضَّةِ.

17 فَرَأَى بَيْنَ الْجُمْهُورِ الْغَفِيرِ الَّذِي مِنْ جِنْسِهِ رَجُلاً مِنْ سِبْطِهِ يُقَالُ لَهُ غَابِيلُوسُ فِي فَاقَةٍ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الزِّنَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنَ الْفِضَّةِ بِصَكٍّ.

18 وَكَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ أَنْ مَاتَ الْمَلِكُ شَلْمَنْأَسَرُ فَمَلَكَ سَنْحَارِيبُ ابْنُهُ مَكَانَهُ، فَوَقَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِنْدَهُ مَوْقِعَ الْكَرَاهَةِ.

19 وَكَانَ طُوبِيَّا يَطُوفُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى جَمِيعِ عَشِيرَتِهِ وَيُعَزِّيهِمْ، وَيُؤَاسِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَمْوَالِهِ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ.

20 فَيُطْعِمُ الْجِيَاعَ، وَيَكْسُو الْعُرَاةَ، وَيَدْفِنُ الْمَوْتَى وَالْقَتْلَى بِغَيْرَةٍ شَدِيدَةٍ.

21 وَلَمَّا قَفَلَ الْمَلِكُ سَنْحَارِيبُ مِنْ أَرْضِ يَهُوذَا هَارِباً مِنَ الضَّرْبَةِ الَّتِي حَاقَهُ اللهُ بِهَا بِسَبَبِ تَجْدِيفِهِ، وَطَفِقَ لِحَنَقِهِ يَقْتُلُ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ كَانَ طُوبِيَّا يدْفِنُ أَجْسَادَهُمْ.

22 فَنَمَى ذلِكَ إِلَى الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَضَبَطَ جَمِيعَ مَالِهِ.

23 فَهَرَبَ طُوبِيَّا بِوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ عَارِياً وَاخْتَبَأَ لأَنَّ كَثِيرِينَ كَانُوا يُحِبُّونَهُ.

24 وَكَانَ بَعْدَ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْماً أَنْ قَتَلَ الْمَلِكَ ابْنَاهُ،

25 فَعَادَ طُوبِيَّا إِلَى مَنْزِلِهِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ كُلُّ مَالِهِ.

الاصحاح الثاني

1 وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ فِي يَوْمِ عِيدِ الرَّبِّ أَنْ صُنِعَتْ مَأْدُبَةٌ عَظِيمَةٌ فِي بَيْتِ طُوبِيَّا.

2 فَقَالَ لاِبْنِهِ: «هَلُمَّ فَادْعُ بَعْضاً مِنْ سِبْطِنَا مِنَ الْمُتَّقِينَ للهِ لِيَأْكُلُوا مَعَنَا».

3 فَانْطَلَقَ ثُمَّ عَادَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ وَاحِداً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَذْبُوحٌ مُلْقًى فِي السُّوقِ. فَلَمَّا سَمِعَ طُوبِيَّا، نَهَضَ مِنْ مَوْضِعِهِ مُسْرِعاً، وَتَرَكَ الْعَشَاءَ، وَبَلَغَ الْجُثَّةَ وَهُوَ صَائِمٌ،

4 فَرَفَعَهَا وَحَمَلَهَا إِلَى بَيْتِهِ سِرًّا لِيَدْفِنَهَا بِالتَّحَفُّظِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ.

5 وَبَعْدَ أَنْ خَبَأَ الْجُثَّةَ أَكَلَ الطَّعَامَ بَاكِياً مُرْتَعِداً.

6 فَذَكَرَ الْكَلاَمَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَى لِسَانِ عَامُوسَ النَّبِيِّ: «أَيَّامُ أَعْيَادِكُمْ تَتَحَوَّلُ إِلَى عَوِيلٍ وَنَحِيبٍ».

7 وَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ذَهَبَ وَدَفَنَهَا.

8 وَكَانَ جَمِيعُ ذَوِي قَرَابَتِهِ يَلُومُونَهُ قَائِلِينَ: «لأَجْلِ هذَا أُمِرَ بِقَتْلِكَ، وَمَا كِدْتَ تَنْجُو مِنْ قَضَاءِ الْمَوْتِ حَتَّى عُدْتَ تَدْفِنُ الْمَوْتَى».

9 وَأَمَّا طُوبِيَّا، فَإِذْ كَانَ خَوْفُهُ مِنَ اللهِ أَعْظَمَ مِنْ خَوْفِهِ مِنَ الْمَلِكِ، كَانَ لاَ يَزَالُ يَخْطَفُ جُثَثَ الْقَتْلَى وَيَخْبَأُهَا فِي بَيْتِهِ، فَيَدْفِنُهَا عِنْدَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ.

10 وَاتَّفَقَ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ، وَقَدْ تَعِبَ مِنْ دَفْنِ الْمَوْتَى، أَنَّهُ وَافَى بَيْتَهُ، فَرَمَى بِنَفْسِهِ إِلَى جَانِبِ الْحَائِطِ وَنَامَ.

11 فَوَقَعَ ذَرْقٌ مِنْ عُشِّ خُطَّافٍ فِي عَيْنَيْهِ وَهُوَ سُخْنٌ فَعَمِيَ.

12 وَإِنَّمَا أَذِنَ الرَّبُّ أَنْ تَعْرِضَ لَهُ هذِهِ التَّجْرِبَةُ لِتَكُونَ لِمَنْ بَعْدَهُ قُدْوَةَ صَبْرِهِ كَأَيُّوبَ الصِّدِّيقِ.

13 فَإِنَّهُ إِذْ كَانَ لَمْ يَنْفَكَّ عَنْ تَقْوَى اللهِ مُنْذُ صِغَرِهِ وَحَافِظاً لِوَصَايَاهُ، لَمْ يَكُنْ يَتَذَمَّرُ عَلَى اللهِ لِمَا نَالَهُ مِنْ بَلْوَى الْعَمَى،

14 وَلكِنَّهُ ثَبَتَ فِي خَوْفِ اللهِ، شَاكِراً لَهُ طُولَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ.

15 وَكَمَا كَانَ الْقِدِّيسُ أَيُّوبُ يُعَيِّرُهُ الْمُلُوكُ، كَانَ أَنْسِبَاءُ هذَا وَذَوُوهُ يَسْخَرُونَ مِنْ عِيشَتِهِ قَائِلِينَ:

16 «أَيْنَ رَجَاؤُكَ الَّذِي لأَجْلِهِ كُنْتَ تَبْذُلُ الصَّدَقَاتِ وَتَدْفِنُ الْمَوْتَى؟»

17 فَيَزْجُرُهُمْ طُوبِيَّا قَائِلاً: «لاَ تَتَكَلَّمُوا كَذَا،

18 فَإِنَّمَا نَحْنُ بَنُو الْقِدِّيسِينَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ تِلْكَ الْحَيَاةَ الَّتِي يَهَبُهَا اللهُ لِلَّذِينَ لاَ يَصْرِفُونَ إِيمَانَهُمْ عَنْهُ أَبَداً».

19 وَكَانَتْ حَنَّةُ امْرَأَتُهُ تَذْهَبُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْحَاكَةِ وَتَأْتِي مِنْ تَعَبِ يَدَيْهَا بِمَا يَتَأَتَّى لَهَا تَحْصِيلُهُ مِنَ الْمِيرَةِ.

20 وَاتَّفَقَ أَنَّهَا أَخَذَتْ جَدْياً وَحَمَلَتْهُ إِلَى الْبَيْتِ،

21 فَلَمَّا سَمِعَ بَعْلُهَا صَوْتَ ثُغَاءِ الْجَدْيَ قَالَ: «انْظُرُوا لَعَلَّهُ يَكُونُ مَسْرُوقاً فَرُدُّوهُ عَلَى أَرْبَابِهِ، إِذْ لاَ يَحِلُّ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ وَلاَ نَلْمُسَ شَيْئاً مَسْرُوقاً».

22 فَأَجَابَتْهُ امْرَأَتُهُ وَهِيَ مُغْضَبَةٌ: «قَدْ وَضَحَ بُطْلاَنُ رَجَائِكَ، وَصَدَقَاتُكَ الآنَ قَدْ عُرِفَتْ». وَبِهذَا الْكَلاَمِ وَمِثْلِهِ كَانَتْ تُعَيِّرُهُ.

الاصحاح الثالث

1 حِينَئِذٍ أَنَّ طُوبِيَّا وَطَفِقَ يُصَلِّي بِدُمُوعٍ

2 وَقَالَ: «عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ وَجَمِيعُ أَحْكَامِكَ مُسْتَقِيمَةٌ وَطُرْقُكَ كُلُّهَا رَحْمَةٌ وَحَقٌّ وَحُكْمٌ.

3 فَالآنَ اذْكُرْنِي يَا رَبِّ، وَلاَ تَنْتَقِمْ عَنْ خَطَايَايَ، وَلاَ تَذْكُرْ ذُنُوبِي وَلاَ ذُنُوبَ آبَائِي،

4 لأَنَّا لَمْ نُطِعْ أَوَامِرَكَ، فَلأَجْلِ ذلِكَ أُسْلِمْنَا إِلَى النَّهْبِ وَالْجَلاَءِ وَالْمَوْتِ، وَأَصْبَحْنَا أُحْدُوثَةً وَعَاراً فِي جَمِيعِ الأُمَمِ الَّتِي بَدَّدْتَنَا بَيْنَهَا.

5 فَالآنَ يَا رَبِّ، عَظِيمَةٌ أَحْكَامُكَ، لأَنَّا لَمْ نَعْمَلْ بِحَسَبِ وَصَايَاكَ، وَلاَ سَلَكْنَا بِخُلُوصٍ أَمَامَكَ.

6 وَالآنَ يَا رَبِّ، بِحَسَبِ مَشِيئَتِكَ اصْنَعْ بِي وَمُرْ أَنْ تُقْبَضَ رُوحِي بِسَلاَمٍ لأَنَّ الْمَوْتَ لِي خَيْرٌ مِنَ الْحَيَاةِ».

7 وَاتَّفَقَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ أَنَّ سَارَةَ بْنَةَ رَعُوئِيلَ فِي رَاجِيسَ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ سَمِعَتْ هِيَ أَيْضاً تَعْيِيراً مِنْ إِحْدَى جَوَارِي أَبِيهَا،

8 لأَنَّهُ كَانَ قَدْ عُقَدِ لَهَا عَلَى سَبْعَةِ رِجَالٍ، وَكَانَ شَيْطَانٌ اسْمُهُ أَزْمُودَاوُسُ يَقْتُلُهُمْ عَلَى أَثَرِ دُخُولِهِمْ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ.

9 وَإِذْ كَانَتْ تَنْتَهِرُ الْجَارِيَةَ لِذَنْبٍ أَجَابَتْهَا قَائِلَةً: «لاَ رَأَيْنَا لَكِ ابْنَا وَلاَ ابْنَةً عَلَى الأَرْضِ، يَا قَاتِلَةَ أَزْوَاجِهَا.

10 أَتُرِيدِينَ أَنْ تَقْتُلِينِي كَمَا قَتَلْتِ سَبْعَةَ رِجَالٍ». فَلَمَّا سَمِعَتْ هذَا الْكَلاَمَ صَعِدَتْ إِلَى عُلِّيَّةِ بَيْتِهَا، فَأَقَامَتْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ لاَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ،

11 بَلِ اسْتَمَرَّتْ تُصَلِّي وَتَتَضَرَّعُ إِلَى اللهِ بِدُمُوعٍ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهَا هذَا الْعَارَ.

12 وَلَمَّا أَتَمَّتْ صَلاَتَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَبَارَكَتِ الرَّبَّ،

13 قَالَت: «تَبَارَكَ اسْمُكَ يَا إِلهَ آبَائِنَا الَّذِي بَعْدَ غَضَبِهِ يَصْنَعُ الرَّحْمَةَ، وَفِي زَمَانِ الْبُؤْسِ يَغْفِرُ الْخَطَايَا لِلَّذِينَ يَدْعُونَهُ.

14 إِلَيْكَ يَا رَبِّ أُقْبِلُ بِوَجْهِي، وَإِلَيْكَ أَصْرِفُ نَاظِرَيَّ.

15 أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ يَا رَبِّ أَنْ تَحُلَّنِي مِنْ وِثَاقِ هذَا الْعَارِ أَوْ تَأْخُذَنِي عَنِ الأَرْضِ.

16 أَنَّك يَا رَبِّ عَالِمٌ بَأَنِي لَمْ أَشْتَهِ رَجُلاً قَطُّ، وَأَنِّي قَدْ صُنْتُ نَفْسِي مُنَزَّهَةً عَنْ كُلِّ شَهْوَةٍ،

17 وَلَمْ أَكُنْ قَطُّ أُمَازِجُ أَرْبَابَ الْمَلاَهِي، وَلاَ أُعَاشِرُ السَّالِكِينَ بِالطَّيْشِ،

18 وَإِنَّمَا رَضِيتُ بِأَنْ أَتَّخِذَ رَجُلاً لِخَوْفِكَ لاَ لِشَهْوَتِي.

19 وَلَعَلِّي لَمْ أَكُنْ مُسْتَأْهِلَةً لَهُمْ أَوْ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ لِي، فَلَعَلَّكَ أَبْقَيْتَنِي لِبَعْلٍ آخَرَ،

20 لأَنَّ مَشُورَتَكَ لاَ يُدْرِكُهَا إِنْسَانٌ.

21 عَلَى أَنَّ مَنْ يَعْبُدُكَ يُوقِنُ أَنَّ حَيَاتَهُ إِنِ انْقَضَتْ بِالْمِحَنِ فَسَتَفُوزُ بِإِكْلِيلِهَا، وَإِنْ حَلَّتْ بِهِ شِدَّةٌ فَسَيُنْقَذُ، وَإِنْ عُرِضَ عَلَى التَّأْدِيبِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى

22 لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِهَلاَكِنَا، فَتُلْقِي السَّكِينَةَ بَعْدَ الْعَاصِفَةِ، وَبَعْدَ الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ تُفِيضُ التَّهَلُّلَ.

23 فَلْيَكُنِ اسْمُكَ يَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ مُبَارَكاً مَدَى الدُّهُورِ».

24 فِي ذلِكَ الْحِينِ اسْتُجِيبَتْ صَلَوَاتُ الاِثْنَيْنِ أَمَامَ مَجْدِ اللهِ الْعَلِيِّ،

25 فَأَرْسَلَ الرَّبُّ مَلاَكَهُ الْقِدِّيسَ رَافَائِيلَ لِيَشْفِيَ كِلاَ الاِثْنَيْنِ اللَّذَيْنَ رُفِعَتْ صَلَوَاتُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إِلَى حَضْرَةِ الرَّبِّ.

الاصحاح الرابع

1 وَإِذْ خَالَ طُوبِيَّا أَنْ قَدِ اسْتُجِيبَتْ صَلاَتُهُ، وَتَهَيَّأَ لَهُ أَنْ يَمُوتَ، اسْتَدْعَى إِلَيْهِ طُوبِيَّا ابْنَهُ.

2 وَقَالَ لَهُ: «اسْمَعْ يَا بُنَيَّ كَلِمَاتِ فِيَّ، وَاجْعَلْهَا فِي قَلْبِكَ مِثْلَ الأَسَاسِ.

3 إِذَا قَبَضَ اللهُ نَفْسِي، فَادْفِنْ جَسَدِي، وَأَكْرِمْ وَالِدَتَكَ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِهَا،

4 وَاذْكُرْ مَا الْمَشَقَّاتُ الَّتِي عَانَتْهَا لأَجْلِكَ فِي جَوْفِهَا وَمَا كَانَ أَشَدَّهَا.

5 وَمَتَى اسْتَوْفَتْ هِيَ أَيْضاً زَمَانَ حَيَاتِهَا، فَادْفِنْهَا إِلَى جَانِبِي.

6 وَأَنْتَ فَلْيَكُنِ اللهُ فِي قَلْبِكَ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِكَ، وَاحْذَرْ أَنْ تَرْضَى بِالْخَطِيئَةِ وَتَتَعَدَّى وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِنَا.

7 تَصَدَّقَ مِنْ مَالِكَ وَلاَ تُحَوِّلْ وَجْهَكَ عَنْ فَقِيرٍ، وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ الرَّبِّ لاَ يُحَوَّلُ عَنْكَ.

8 كُنْ رَحِيماً عَلَى قَدْرِ طَاقَتِكَ.

9 إِنْ كَانَ لَكَ كَثِيرٌ، فَابْذُلْ كَثِيراً؛ وَإِنْ كَانَ لَكَ قَلِيلٌ، فَاجْتَهِدْ أَنْ تَبْذُلَ الْقَلِيلَ عَنْ نَفْسٍ طَيِّبَةٍ.

10 فَإِنَّكَ تَدَّخِرُ لَكَ ثَوَاباً جَمِيلاً إِلَى يَوْمِ الضَّرُورَةِ،

11 لأَنَّ الصَّدَقَةَ تُنَجِّي مِنْ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَمِنَ الْمَوْتِ، وَلاَ تَدَعُ النَّفْسَ تَصِيرُ إِلَى الظُّلْمَةِ.

12 إِنَّ الصَّدَقَةَ هِيَ رَجَاءٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ الْعَلِيِّ لِجَمِيعِ صَانِعِيهَا.

13 اِحْذَرْ لِنَفْسِكَ يَا بُنَيَّ مِنْ كُلِّ زِنًى، وَلاَ تَتَجَاوَزِ امْرَأَتَكَ مُسْتَبِيحاً مَعْرِفَةَ الإِثْمِ أَبَداً.

14 وَلاَ تَدَعِ الْكِبْرَ يَسْتَوْلِي عَلَى أَفْكَارِكَ أَوْ أَقْوَالِكَ، لأَنَّ الْكِبْرَ مَبْدَأُ كُلِّ

15 وَكُلُّ مَنْ خَدَمَكَ بِشَيْءٍ فَأَوْفِهِ أُجْرَتَهُ لِسَاعَتِهِ، وَأُجْرَةُ أَجِيرِكَ لاَ تَبْقَ عِنْدَكَ أَبَداً.

16 كُلُّ مَا تَكْرَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ غَيْرُكَ بِكَ فَإِيَّاكَ أَنْ تَفْعَلَهُ أَنْتَ بِغَيْرِكَ.

17 كُلْ خُبْزَكَ مَعَ الْجِيَاعِ وَالْمَسَاكِينِ، وَاكْسُ الْعُرَاةَ مِنْ ثِيَابِكَ.

18 ضَعْ خُبْزَكَ وَخَمْرَكَ عَلَى مَدْفِنِ الْبَارِّ، وَلاَ تَأْكُلْ وَلاَ تَشْرَبْ مِنْهُمَا مَعَ الْخَطَأَةِ.

19 اِلْتَمِسْ مَشُورَةَ الْحَكِيمِ دَائِماً.

20 وَبَارِكِ اللهَ فِي كُلِّ حِينٍ وَاسْتَرْشِدْهُ لِتَقْوِيمِ سُبُلِكَ وَإِقْرَارِ كُلِّ مَشُورَاتِكِ فِيهِ.

21 ثُمَّ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ، أَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُ، وَأَنْتَ صَغِيرٌ، عَشَرَةَ قَنَاطِيرَ مِنَ الْفِضَّةِ لِغَابِيلُوسَ فِي رَاجِيسَ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ، وَمَعِي بِهَا صَكٌّ.

22 وَحَيْثُ ذلِكَ، فَانْظُرْ كَيْفَ تَتَوَصَّلُ إِلَيْهِ، فَتَقْبِضُ مِنْهُ الزِّنَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَتَرُدُّ عَلَيْهِ صَكَّهُ.

23 وَلاَ تَخَفْ يَا وَلَدَي، فَإِنَّا نَعِيشُ عِيشَةَ الْفُقَرَاءِ، وَلكِنْ سَيَكُونُ لَنَا خَيْرٌ كَثِيرٌ إِذَا اتَّقَيْنَا اللهَ وَابْتَعَدْنَا عَنْ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَفَعَلْنَا خَيْراً».

الاصحاح الخامس

1 فَأَجَابَ طُوبِيَّا أَبَاهُ وَقَالَ: «يَا أَبَتِ كُلُّ مَّا أَمَرْتَنِي بِهِ أَفْعَلُهُ.

2 وَأَمَّا هذَا الْمَالُ فَمَا أَدْرِي كَيْفَ أُحَصِّلُهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَعْرِفُنِي، وَأَنَا لاَ أَعْرِفُهُ؛ فَمَا الْعَلاَمَةُ الَّتِي أُعْطِيهَا لَهُ؟ بَلِ الطَّرِيقُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى هُنَاكَ لاَ أَعْرِفُهَا أَيْضاً».

3 فَأَجَابَهُ أَبُوهُ وَقَالَ: «إِنَّ عِنْدِي صَكَّهُ، فَإِذَا عَرَضْتَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي عَاجِلاً.

4 وَالآنَ هَلُمَّ فَالْتَمِسْ لَكَ رَجُلاً ثِقَةً يَصْحَبُكَ بِأُجْرَتِهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الْمَالَ وَأَنَا حَيٌّ».

5 فَبَيْنَمَا خَرَجَ طُوبِيَّا، إِذَا بِفَتًى بَهِيٍّ قَدْ وَقَفَ مُشَمِّراً كَأَنَّهُ مُتَأَهِّبٌ لِلْمَسِيرِ.

6 فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَجْهَلُ أَنَّهُ مَلاَكُ اللهِ وَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا فَتَى الْخَيْرِ؟»

7 قَالَ: «أَنَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ». فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «هَلْ تَعْرِفُ الطَّرِيقَ الآخِذَةَ إِلَى بِلاَدِ الْمَادِيِّينَ؟»

8 قَالَ: «أَعْرِفُهَا، وَقَدْ سَلَكْتُ جَمِيعَ طُرُقِهَا مِرَاراً كَثِيرَةً، وَكُنْتُ نَازِلاً بِأَخِينَا غَابِيلُوسَ الْمُقِيمِ بِرَاجِيسِ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ الَّتِي فِي جَبَلِ أَحْمَتَا».

9 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «انْتَظِرْنِي حَتَّى أُخْبِرَ أَبِي بِهذَا».

10 وَدَخَلَ طُوبِيَّا وَأَخْبَرَ أَبَاهُ بِجَمِيعِ ذلِكَ، فَتَعَجَّبَ أَبُوهُ، وَطَلَبَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ.

11 فَدَخَلَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «لِيَكُنْ لَكَ فَرَحٌ دَائِمٌ».

12 فَأَجَابَ طُوبِيَّا: «وَأَيُّ فَرَحٍ يَكُونُ لِي أَنَا الْمُقِيمَ فِي الظَّلاَمِ لاَ أُبْصِرُ ضَوْءَ السَّمَاءِ؟»

13 فَقَالَ لَهُ الْفَتَى: «كُنْ طَيِّبَ الْقَلْبِ فَإِنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ تَنَالُ الْبُرْءَ مِنْ لَدُنِ اللهِ».

14 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «هَلْ لَكَ أَنْ تُبَلِّغَ ابْنِي إِلَى غَابِيلُوسَ فِي رَاجِيسَ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ، وَأَنَا أُوفِيكَ أُجْرَتَكَ مَتَى رَجَعْتَ؟»

15 فَقَالَ لَهُ المَلاَكُ: «آخُذُهُ وَأَعُودُ بِهِ إِلَيْكَ».

16 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ عَشِيرَةٍ وَمِنْ أَيِّ سِبْطٍ أَنْتَ؟»

17 فَقَالَ لَهُ رَافَائِيلُ الْمَلاَكُ: «أَفِي نَسَبِ الأَجِيرِ حَاجَتُكَ أَمْ فِي الأَجِيرِ الَّذِي يَذْهَبُ مَعَ ابْنِكَ؟

18 وَلكِنْ لِكَيْ لاَ أُقْلِقَ بَالَكَ، أَنَا عَزَرْيَا بْنُ حَنَنْيَا الْعَظِيمِ».

19 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «إِنَّكَ مِنْ نَسَبٍ كَرِيمٍ غَيْرَ أَنِّي أَرْجُو أَنْ لاَ يَسُوءَكَ كَوْنِي طَلَبْتُ مَعْرِفَةَ نَسَبِكَ».

20 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «هَأَنَذَا آخُذَ ابْنَكَ سَالِماً، وَسَأَعُودُ بِهِ إِلَيْكَ سَالِماً».

21 قَالَ طُوبِيَّا: «انْطَلِقَا بِسَلاَمٍ، وَلِيَكُنِ اللهُ فِي طَرِيقِكُمَا وَمَلاَكُهُ يُرَافِقُكُمَا».

22 حِينَئِذٍ أَخَذَا كُلَّ مَا أَرَادَا أَخْذَهُ مِنْ أُهْبَةِ الطَّرِيقِ، وَوَدَّعَ طُوبِيَّا أَبَاهُ وَأُمَّهُ، وَسَارَا كِلاَهُمَا مَعاً.

23 فَلَمَّا فَصَلاَ، جَعَلَتْ أُمُّهُ تَبْكِي وَتَقُولُ: «قَدْ أَخَذْتَ عُكَّازَةَ شَيْخُوخَتِنَا وَأَبْعَدْتَهَا عَنَّا.

24 لاَ كَانَ هذَا الْمَالُ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ لأَجْلِهِ.

25 لَقَدْ كَانَ فِي رِزْقِنَا الْقَلِيلِ مَا يَكْفِي لأَنْ نَعُدَّ النَّظَرَ إِلَى وَلَدِنَا غِنًى عَظِيماً».

26 فَقَالَ لَهَا طُوبِيَّا: «لاَ تَبْكِي، إِنَّ وَلَدَنَا سَيَصِلُ سَالِماً وَيَعُودُ إِلَيْنَا سَالِماً، وَعَيْنَاكِ تُبْصِرَانِهِ.

27 فَإِنِّي وَاثِقٌ بِأَنَّ مَلاَكَ اللهِ الصَّالِحَ يَصْحَبُهُ وَيُدَبِّرُهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا بِفَرَحٍ».

28 فَكَفَّتْ أُمُّهُ عَنِ الْبُكَاءِ عِنْدَ هذَا الْكَلاَمِ وَسَكَتَتْ.

الاصحاح السادس

1 وَسَافَرَ طُوبِيَّا وَالْكَلْبُ يَتْبَعُهُ، فَبَاتَ أَوَّلَ مَنْزِلَةٍ بِجَانِبِ نَهْرِ دِجْلَةَ.

2 وَخَرَجَ لِيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ، فَإِذَا بِحُوتٍ عَظِيمٍ قَدْ خَرَجَ لِيَفْتَرِسَهُ.

3 فَارْتَاعَ طُوبِيَّا وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «يَا مَوْلاَيَ قَدِ اقْتَحَمَنِي».

4 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «أَمْسِكْ بِخَيْشُومِهِ وَاجْتَذِبْهُ إِلَيْكَ». فَفَعَلَ كَذلِكَ وَاجْتَذَبَهُ إِلَى الْيَبْسِ، فَأَخَذَ يَخْتَبِطُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ.

5 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «شُقَّ جَوْفَ الْحُوتِ، وَاحْتَفِظْ بِقَلْبِهِ وَمَرَارَتِهِ وَكَبِدِهِ، فَإِنَّ لَكَ بِهَا مَنْفَعَةً لِعِلاَجٍ مُفِيدٍ».

6 فَفَعَلَ كَذلِكَ، ثُمَّ شَوَى مِنْ لَحْمِهِ، فَأَخَذَا لِلطَّرِيقِ، وَمَلَّحَا سَائِرَهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُمَا مَا يَكْفِيهِمَا إِلَى أَنْ يَبْلُغَا رَاجِيسَ مَدِينَةَ الْمَادِيِّينَ.

7 ثُمَّ إِنَّ طُوبِيَّا سَأَلَ الْمَلاَكَ وَقَالَ لَهُ: «نَشَدْتُكَ يَا أَخِي عَزَرْيَا أَنْ تُخْبِرَنِي مَا الْعِلاَجُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ هذِهِ الأَشْيَاءِ الَّتِي أَمَرْتَنِي أَنْ أَذْخَرَهَا مِنَ الْحُوتِ؟»

8 فَأَجَابَهُ الْمَلاَكُ قَائِلاً: «إِذَا أَلْقَيْتَ شَيْئاً مِنْ قَلْبِهِ عَلَى الْجَمْرِ فَدُخَانُهُ يَطْرُدُ كُلَّ جِنْسٍ مِنَ الشَيَّاطِينِ فِي رَجُلٍ كَانَ أَوِ امْرَأَةٍ بِحَيْثُ لاَ يَعُودُ يَقْرُبُهُمَا أَبَداً.

9 وَالْمَرَارَةُ تَنْفَعُ لِمَسْحِ الْعُيُونِ الَّتِي عَلَيْهَا غِشَاءٌ فَتَبْرَأُ».

10 وَقَالَ طُوبِيَّا: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَنْزِلَ؟»

11 فَقَالَ الْمَلاَكُ إِنَّ هُنَا رَجُلاً اسْمُهُ رَعُوئِيلُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِكَ مِنْ سِبْطِكَ، وَلَهُ بِنْتٌ اسْمُهَا سَارَةُ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ ذَكَرٍ وَلاَ أُنْثَى سِوَاهَا.

12 فَجَمِيعُ مَالِهِ مُسْتَحَقٌّ لَكَ، وَلاَ بُدَّ لَكَ أَنْ تَتَّخِذَهَا زَوْجَةً.

13 فَاخْطُبْهَا إِلَى أَبِيهَا فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا مِنْكَ».

14 فَأَجَابَ طُوبِيَّا وَقَالَ: «إِنِّي سَمِعْتُ أَنَّهُ قَدْ عُقِدَ لَهَا عَلَى سَبْعَةِ أَزْوَاجٍ فَمَاتُوا، وَقَدْ سَمِعْتُ أَيْضاً أَنَّ الشَّيْطَانَ قَتَلَهُمْ.

15 فَلأَجْلِ هذَا أَخَافُ أَنْ يُصِيبَنِي مِثْلُ ذلِكَ، وَأَنَا وَحِيدٌ لأَبَوَيَّ، فَأَنْزِلُ شَيْخُوخَتَهُمَا إِلَى الْجَحِيمِ بِالْحُزْنِ».

16 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ رَافَائِيلُ: «اسْتَمِعْ فَأُخْبِرَكَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَقْوَى عَلَيْهِمْ؟

17 إِنَّ الَّذِينَ يَتَزَوَّجُونَ، فَيَنْفُونَ اللهَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَيَتَفَرَّغُونَ لِشَهْوَتِهِمْ كَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ اللَّذَيْنِ لاَ فَهْمَ لَهُمَا؛ أُولئِكَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ.

18 فَأَنْتَ إِذَا تَزَوَّجْتَهَا وَدَخَلْتَ الْمُخْدَعَ، فَأَمْسِكْ عَنْهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلاَ تَتَفَرَّغْ مَعَهَا إِلاَّ لِلصَّلَوَاتِ.

19 وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، إِذَا أَحْرَقْتَ كَبِدَ الْحُوتِ، يَنْهَزِمُ الشَّيْطَانُ.

20 وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، تَكُونُ مَقْبُولاً فِي شَرِكَةِ الآبَاءِ الْقِدِّيسِينَ.

21 وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، تَنَالُ الْبَرَكَةَ حَتَّى يُولَدَ لَكُمَا بَنُونَ سَالِمُونَ.

22 وَبَعْدَ انْقِضَاءِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، تَتَّخِذُ الْبِكْرَ بِخَوْفِ الرَّبِّ وَأَنْتَ رَاغِبٌ فِي الْبَنِينَ أَكْثَرَ مِنَ الشَّهْوَةِ، لِكَيْ تَنَالَ بَرَكَةَ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ

الاصحاح السابع

1 ثُمَّ دَخَلاَ عَلَى رَعُوئِيلَ، فَتَلَقَّاهُمَا رَعُوئِيلُ بِالْمَسَرَّةِ.

2 وَإِذْ نَظَرَ رَعُوئِيلُ إِلَى طُوبِيَّا قَالَ لِحَنَّةَ زَوْجَتِهِ: «مَا أَشْبَهَ هذَا الرَّجُلَ بِذِي قَرَابَتِي!»

3 وَبَعْدَ هذَا الْكَلاَمِ قَالَ رَعُوئِيلُ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا أَيُّهَا الأَخَوَانِ الْفِتْيَانِ؟» فَقَالاَ لَهُ: «مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِيَ مِنْ جَلاَءِ نِينَوَى».

4 فَقَالَ لَهُمَا رَعُوئِيلُ: «هَلْ تَعْرِفَانِ طُوبِيَّا أَخِي؟» فَقَالاَ: «نَعْرِفُهُ».

5 فَلَمَّا أَكْثَرَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَلاَكُ لِرَعُوئِيلَ: «إِنَّ طُوبِيَّا الَّذِي أَنْتَ تَسْأَلُ عَنْهُ هُوَ أَبُو هذَا».

6 فَأَلْقَى رَعُوئِيلُ بِنَفْسِهِ، وَقَبَّلَهُ بِدُمُوعٍ، وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ،

7 وَقَالَ: «بَرَكَةٌ لَكَ يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ ابْنُ رَجُلٍ صَالِحٍ فَاضِلٍ».

8 وَبَكَتْ حَنَّةُ امْرَأَتُهُ وَسَارَةُ ابْنَتُهُمَا أَيْضاً.

9 وَبَعْدَ أَنْ تَحَادَثُوا، أَمَرَ رَعُوئِيلُ أَنْ يُذْبَحَ كَبْشٌ، وَتُهَيَّأَ مَأْدُبَةٌ وَدَعَاهُمَا أَنْ يَتَّكِئَا لِلْغَدَاءِ.

10 فَقَالَ طُوبِيَّا: «إِنِّي لاَ آكُلُ الْيَوْمَ طَعَاماً ههُنَا وَلاَ أَشْرَبُ مَا لَمْ تُجِبْنِي إِلَى مَا أَنَا سَائِلُهُ، وَتَعِدْنِي أَنْ تُعْطِيَنِي سَارَةَ ابْنَتَكَ».

11 فَلَمَّا سَمِعَ رَعُوئِيلُ هذَا الْكَلاَمَ، ارْتَعَدَ لِمَعْرِفَتِهِ بِمَا أَصَابَ السَّبْعَةَ الرِّجَالَ الَّذِينَ دَخَلُوا عَلَيْهَا، وَخَافَ أَنْ يُصِيبَ هذَا مَا أَصَابَهُمْ وَفِيمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ وَلَمْ يَرْدُدْ عَلَيْهِ جَوَاباً،

12 قَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ أَنْ تُعْطِيَهَا لِهذَا، فَإِنَّ ابْنَتَكَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لأَنَّهُ يَخَافُ اللهَ، وَلِذلِكَ لَمْ يَقْدِرْ غَيْرُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا».

13 حِينَئِذٍ قَالَ رَعُوئِيلُ: «لاَ أَشُكُّ أَنَّ اللهَ قَدْ تَقَبَّلَ صَلَوَاتِي وَدُمُوعِي أَمَامَهُ،

14 وَلَعَلَّهُ لأَجْلِ ذلِكَ سَاقَكُمَا اللهُ إِلَيَّ حَتَّى تَتَزَوَّجَ هذِهِ بِذِي قَرَابَتِهَا عَلَى حَسَبِ شَرِيعَةِ مُوسَى. وَالآنَ لاَ تَشُكَّ أَنِّي أُعْطِيكَهَا».

15 ثُمَّ أَخَذَ بِيَمِينِ ابْنَتِهِ سَارَةَ وَسَلَّمَهَا إِلَى يَمِينِ طُوبِيَّا، قَائِلاً: «إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ يَكُونُ مَعَكُمَا، وَهُوَ يَقْرِنُكُمَا وَيُتِمُّ بَرَكَتَهُ عَلَيْكُمَا».

16 ثُمَّ أَخَذُوا صَحِيفَةً وَكَتَبُوا فِيهَا عَقْدَ الزَّوَاجِ،

17 وَبَعْدَ ذلِكَ أَكَلُوا وَبَارَكُوا اللهَ.

18 وَدَعَا رَعُوئِيلُ حَنَّةَ زَوْجَتَهُ وَأَمَرَهَا أَنْ تُهَيِّءَ مُخْدَعاً آخَرَ،

19 وَأَدْخَلَتْهُ سَارَةَ ابْنَتَهَا وَهِيَ بَاكِيَةٌ،

20 وَقَالَتْ لَهَا: «تَشَجَّعِي يَا بُنَيَّةُ، وَرَبُّ السَّمَاءِ يُؤْتِيكِ فَرَحاً بَدَلَ الْغَمِّ الَّذِي قَاسَيْتِهِ».

الاصحاح الثامن

1 وَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْعَشَاءِ، أَدْخَلُوا عَلَيْهَا الْفَتَى،

2 فَذَكَرَ طُوبِيَّا كَلاَمَ الْمَلاَكِ، فَأَخْرَجَ مِنْ كِيسِهِ فِلْذَةً مِنَ الْكَبِدِ، وَأَلْقَاهَا عَلَى الْجَمْرِ الْمُشْتَعِلِ،

3 حِينَئِذٍ قَبَضَ الْمَلاَكُ رَافَائِيلُ عَلَى الشَّيْطَانِ وَأَوْثَقَهُ فِي بَرِّيَّةِ مِصْرَ الْعُلْيَا.

4 وَوَعَظَ طُوبِيَّا الْبِكْرَ وَقَالَ لَهَا: «يَا سَارَةُ قُومِي نُصَلِّي إِلَى اللهِ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ، فَإِنَّا فِي هذِهِ اللَّيَالِي الثَّلاَثِ نَتَّحِدُ بِاللهِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ نَكُونُ فِي زَوَاجِنَا،

5 لأَنَّا بَنُو الْقِدِّيسِينَ فَلاَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقْتَرِنَ اقْتِرَانَ الأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ».

6 فَقَامَا مَعاً وَصَلَّيَا كِلاَهُمَا بِحَرَارَةٍ حَتَّى يُعَافِيَهُمَا.

7 وَقَالَ طُوبِيَّا: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ آبَائِنَا، لِتُبَارِكُكَ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالْبَحْرُ وَالْيَنَابِيعُ وَالأَنْهَارُ وَجَمِيعُ خَلاَئِقِكَ الَّتِي فِيهَا.

8 أَنْتَ جَبَلْتَ آدَمَ مِنْ تُرَابِ الأَرْضِ وَأَتَيْتَهُ حَوَّاءَ عَوْناً.

9 وَالآنَ يَا رَبِّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لاَ لِسَبَبِ الشَّهْوَةِ أَتَّخِذُ أُخْتِي زَوْجَةً، وَإِنَّمَا رَغْبَةً فِي النَّسْلِ الَّذِي يُبَارَكُ فِيهِ اسْمُكَ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ».

10 وَقَالَتْ سَارَةُ أَيْضاً: «ارْحَمْنَا يَا رَبِّ ارْحَمْنَا حَتَّى نَشِيخَ كِلاَنَا مَعاً فِي عَافِيَةٍ».

11 وَكَانَ نَحْوَ وَقْتِ صِيَاحِ الدِّيكِ، أَنَّ رَعُوئِيلَ أَمَرَ أَنْ يُجْمَعَ إِلَيْهِ غِلْمَانُهُ، فَانْطَلَقُوا مَعَهُ وَاحْتَفَرُوا قَبْراً،

12 لأَنَّهُ قَالَ: «أَخْشَى أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَ غَيْرَهُ مِنَ الرِّجَالِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ دَخَلُوا عَلَيْهَا».

13 فَلَمَّا أَعَدُّوا الْقَبْرَ، رَجَعَ رَعُوئِيلُ إِلَى زَوْجَتِهِ، وَقَالَ لَهَا:

14 «ابْعَثِي وَاحِدَةً مِنْ جَوَارِيكِ لِتَرَى هَلْ مَاتَ حَتَّى أُوَارِيَهُ قَبْلَ ضَوْءِ النَّهَارِ».

15 فَأَنْفَذَتْ إِحْدَى جَوَارِيهَا، فَدَخَلَتِ الْمُخْدَعَ، فَإِذَا هُمَا سَالِمَانِ مُعَافَيَانِ، وَهُمَا نَائِمَانِ مَعاً.

16 فَعَادَتْ وَأَخْبَرَتْ بِهذِهِ الْبُشْرَى. فَبَارَكَ رَعُوئِيلُ وَحَنَّةُ زَوْجَتُهُ الرَّبَّ

17 قَائِلَيْنِ: «نُبَارِكُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْنَا مَا كُنَّا نَتَوَقَّعُهُ،

18 فَإِنَّكَ قَدْ آتَيْتَنَا رَحْمَتَكَ وَحَبَسْتَ عَنَّا الْعَدُوَ الَّذِي يَضْطَهِدُنَا،

19 وَرَحِمْتَ الْوَحِيدَيْنِ. فَاجْعَلْهُمَا يَا رَبِّ يُبَارِكَانِكَ أَتَمَّ بَرَكَةٍ، وَيُقَدِّمَانِ لَكَ قُرْبَانَ تَسْبِيحِكَ وَعَافِيَتِهِمَا حَتَّى تَعْلَمَ الأُمَمُ كَافَّةً أَنَّكَ أَنْتَ الإِلهُ الْوَاحِدُ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا».

20 وَلِلْحَالِ أَمَرَ رَعُوئِيلُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَرْدِمُوا الْقَبْرَ الَّذِي حَفَرُوهُ قَبْلَ ضَوْءِ الصَّبَاحِ.

21 ثُمَّ أَوْعَزَ إِلَى زَوْجَتِهِ أَنْ تُعِدَّ وَلِيمَةً وَتُصْلِحَ مَا يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِينَ مِنَ الزَّادِ،

22 وَأَمَرَ بِذَبْحِ بَقَرَتَيْنِ سَمِينَتَيْنِ وَأَرْبَعَةِ أَكْبُشٍ، وَأَنْ تُهَيَّأَ وَلِيمَةٌ لِجَمِيعِ جِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ.

23 وَاسْتَحْلَفَ رَعُوئِيلُ طُوبِيَّا أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ أُسْبُوعَيْنِ.

24 وَأَعْطَى رَعُوئِيلُ لِطُوبِيَّا نِصْفَ مَالِهِ كُلِّهِ، وَكَتَبَ لِطُوبِيَّا صَكًّا بِالنِّصْفِ الْبَاقِي أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا.

الاصحاح التاسع

1 ثُمَّ إِنَّ طُوبِيَّا اسْتَدْعَى الْمَلاَكَ الَّذِي كَانَ يَحْسَبُهُ إِنْسَاناً، وَقَالَ لَهُ: «يَا أَخِي عَزَرْيَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْمَعَ كَلاَمِي:

2 «إِنِّي لَوْ جَعَلْتُ نَفْسِي عَبْدَا لَكَ لَمَا وَفَيْتُ بِعِنَايَتِكَ حَقَّ الْوَفَاءِ.

3 وَلكِنِّي مَعَ ذلِكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَأْخُذَ دَوَابَّ وَغِلْمَاناً، وَتَنْطَلِقَ إِلَى غَابِيلُوسَ فِي رَاجِيسَ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ، وَتَرُدَّ عَلَيْهِ صَكَّهُ، وَتَقْبِضَ مِنْهُ الْفِضَّةَ، وَتَدْعُوَهُ إِلَى عُرْسِي،

4 لأَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبِي يَحْسُبُ الأَيَّامَ، فَإِنْ زِدْتُ فِي إِبْطَائِي يَوْماً وَاحِداً حَزِنَتْ نَفْسُهُ.

5 وَأَنْتَ تَرَى أَنَّ رَعُوئِيلَ قَدِ اسْتَحْلَفَنِي، وَلَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْتَخِفَّ بِحَلِفِهِ».

6 حِينَئِذٍ أَخَذَ رَافَائِيلُ أَرْبَعَةً مِنْ غِلْمَانِ رَعُوئِيلَ وَجَمَلَيْنِ وَسَافَرَ إِلَى رَاجِيسَ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ وَلَقِيَ غَابِيلُوسَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ صَكَّهُ، وَاسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَالَ كُلَّهُ،

7 وَعَرَّفَهُ أَمْرَ طُوبِيَّا بْنِ طُوبِيَّا وَكُلَّ مَا وَقَعَ، وَأَتَى بِهِ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ.

8 فَلَمَّا دَخَلَ بَيْتَ رَعُوئِيلَ، وَجَدَ طُوبِيَّا مُتَّكِئاً، فَنَهَضَ قَائِماً، وَقَبَّلاَ بَعْضُهُمَا بَعْضاً، وَبَكَى غَابِيلُوسُ وَبَارَكَ اللهَ،

9 وَقَالَ: «يُبَارِكُكَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ ابْنُ رَجُلٍ صَالِحٍ جِدًّا بَارٍّ مُتَّقٍ للهِ صَانِعِ صَدَقَاتٍ.

10 وَتَحِلُّ الْبَرَكَةُ عَلَى زَوْجَتِكَ وَعَلَى وَالِدَيْكُمَا،

11 وَتَرَيَانِ بَنِيكُمَا وَبَنِي بَنِيكُمَا إِلَى الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ، وَيَكُونُ نَسْلُكُمَا مُبَارَكاً مِنْ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الْمَالِكِ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ».

12 فَقَالُوا كُلُّهُمْ: «آمِينَ». ثُمَّ تَقَدَّمُوا إِلَى الْوَلِيمَةِ، إِلاَّ أَنَّهُمُ اتَّخَذُوا وَلِيمَةَ الْعُرْسِ بِخَوْفِ اللهِ.

الاصحاح العاشر

1 وَلَمَّا أَبْطَأَ طُوبِيَّا هُنَاكَ لِسَبَبِ الْعُرْسِ، قَلِقَ أَبُوهُ طُوبِيَّا وَقَالَ: «لِمَاذَا تُرَى أَبْطَأَ ابْنِي؟ وَمَا الَّذِي عَاقَهُ هُنَاكَ؟

2 أَلَعَلَّ غَابِيلُوسَ قَدْ مَاتَ وَلَيْسَ مَنْ يَرُدُّ لَهُ الْمَالَ؟»

3 وَأَخَذَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ هُوَ وَحَنَّةَ امْرَأَتَهُ، وَطَفِقَا كِلاَهُمَا يَبْكِيَانِ لِتَخَلُّفِ ابْنِهِمَا عَنِ الرُّجُوعِ فِي يَوْمِ الْمِيعَادِ.

4 وَكَانَتْ أُمُّهُ تَبْكِي بِدُمُوعٍ لاَ تَنْقَطِعُ وَهِيَ تَقُولُ: «آهِ أَوْهِ يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا أَرْسَلْنَاكَ فِي الْغُرْبَةِ يَا نُورَ أَبْصَارِنَا وَعُكَّازَةَ شَيْخُوخَتِنَا وَعَزَاءَ عِيشَتِنَا وَرَجَاءَ عَقِبِنَا؟

5 لَقَدْ كَانَ لَنَا فِيكَ وَحْدَكَ كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُرْسِلَكَ عَنَّا».

6 فَكَانَ طُوبِيَّا يَقُولُ لَهَا: «اسْكُتِي وَلاَ تَتَقَلَّقِي، إِنَّ ابْنَنَا سَالِمٌ وَالرَّجُلَ الَّذِي أَرْسَلْنَاهُ مَعَهُ ثِقَةٌ جِدًّا».

7 فَلَمْ يَكُنْ ذلِكَ يُفِيدُهَا أَدْنَى تَعْزِيَةٍ، وَكَانَتْ كُلَّ يَوْمٍ تَقُومُ مُسْرِعَةً فَتَتَشَوَّفُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَتَنْظُرُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ الَّتِي كَانَتْ تَظُنُّ أَنَّ ابْنَهَا يَرْجِعُ مِنْهَا لَعَلَّهَا تَرَاهُ عَنْ بُعْدٍ مُقْبِلاً.

8 وَأَمَّا رَعُوئِيلُ فَقَالَ لِصِهْرِهِ: «امْكُثْ ههُنَا وَأَنَا أُنْفِذُ إِلَى طُوبِيَّا أَبِيكَ مَنْ يُخْبِرُهُ بِسَلاَمَتِكَ».

9 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ أَبِي وَأُمِّي يَحْسُبَانِ الأَيَّامِ وَأَرْوَاحُهُمَا مُعَذَّبَةٌ قَلَقاً».

10 وَبَعْدَ أَنْ أَكْثَرَ رَعُوئِيلُ مِنَ الإِلْحَاحِ عَلَى طُوبِيَّا، فَأَبَى أَنْ يَسْمَعَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، أَعْطَاهُ سَارَةَ وَنِصْفَ أَمْوَالِهِ كُلِّهَا مِنْ غِلْمَانٍ وَجَوَارٍ وَمَوَاشٍ وَإِبِلٍ وَبَقَرٍ وَفِضَّةٍ كَثِيرَةٍ، وَصَرَفَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِسَلاَمٍ فَرِحاً،

11 قَائِلاً: «مَلاَكُ الرَّبِّ الْقُدُّوسُ يَكُونُ فِي طَرِيقِكُمَا، وَيُبَلِّغُكُمَا سَالِمَيْنِ، وَتَجِدَانِ كُلَّ شَيْءٍ عِنْدَ أَبَوَيْكُمَا بِخَيْرٍ، وَتَرَى عَيْنَايَ بَنِيكُمَا قَبْلَ مَوْتِي».

12 وَأَقْبَلَ الْوَالِدَانِ عَلَى ابْنَتِهِمَا يُقَبِّلاَنِهَا ثُمَّ صَرَفَاهَا،

13 وَأَوْصَيَاهَا أَنْ تُكْرِمَ حَمَوَيْهَا، وَتُحِبَّ بَعْلَهَا، وَتُدَبِّرَ عِيَالَهَا، وَتَسُوسَ بَيْتَهَا، وَتَحْفَظَ نَفْسَهَا غَيْرَ مَلُومَةٍ.

الاصحاح الحادي عشر

1 وَفِيمَا هُمْ رَاجِعُونَ، وَقَدْ بَلَغُوا إِلَى حَارَانَ الَّتِي فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ جِهَةَ نِينَوَى فِي الْيَوْمِ الْحَادِي عَشَرَ.

2 قَالَ الْمَلاَكُ: «يَا أَخِي طُوبِيَّا إِنَّكَ تَعْلَمُ كَيْفَ فَارَقْتَ أَبَاكَ.

3 فَلْنَتَقَدَّمْ نَحْنُ إِنْ أَحْبَبْتَ، وَالْعِيَالُ وَزَوْجَتُكَ يَلْحَقُونَنَا عَلَى مَهْلٍ مَعَ الْمَوَاشِي».

4 وَإِذْ تَوَافَقَا عَلَى الْمُضِيِّ، قَالَ رَافَائِيلُ لِطُوبِيَّا: «خُذْ مَعَكَ مِنْ مَرَارَةِ الْحُوتِ، فَإِنَّ لَنَا بِهَا حَاجَةً». فَأَخَذَ طُوبِيَّا مِنَ الْمَرَارَةِ، وَانْطَلَقَا.

5 وَأَمَّا حَنَّةُ فَكَانَتْ كُلَّ يَوْمٍ تَجْلِسُ عِنْدَ الطَّرِيقِ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ حَيْثُ كَانَتْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْظُرَ عَلَى بُعْدٍ.

6 فَلَمَّا كَانَتْ تَتَشَوَّفُ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ ذلِكَ الْمَوْضِعِ، نَظَرَتْ عَلَى بُعْدٍ، وَلِلْوَقْتِ عَرَفَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا قَادِماً، فَبَادَرَتْ وَأَخْبَرَتْ بَعْلَهَا قَائِلَةً: «هُوَذَا ابْنُكَ آتٍ».

7 وَقَالَ رَافَائِيلُ لِطُوبِيَّا: «إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ، فَاسْجُدْ فِي الْحَالِ لِلرَّبِّ إِلهِكَ وَاشْكُرْ لَهُ، ثُمَّ ادْنُ مِنْ أَبِيكَ وَقَبِّلْهُ،

8 وَاطْلِ لِسَاعَتِكَ عَيْنَيْهِ بِمَرَارَةِ الْحُوتِ هذِهِ الَّتِي مَعَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لِلْحِينِ تَنْفَتِحُ عَيْنَاهُ، وَيَرَى أَبُوكَ ضَوْءَ السَّمَاءِ، وَيَفْرَحُ بِرُؤْيَتِكَ».

9 حِينَئِذٍ سَبَقَ الْكَلْبُ الَّذِي كَانَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، وَكَانَ كَأَنَّهُ بَشِيرٌ يُبْدِي مَسَرَّتَهُ بِبَصْبَصَةِ ذَنَبِهِ.

10 فَقَامَ أَبُوهُ وَهُوَ أَعْمَى وَجَعَلَ يجْرِي وَهُوَ يَتَعَثَّرُ بِرِجْلَيْهِ، فَنَاوَلَ يَدَهُ لِغُلاَمٍ وَخَرَجَ لِمُلاَقَاةِ ابْنِهِ

11 وَاسْتَقْبَلَهُ وَقَبَّلَهُ هُوَ وَامْرَأَتُهُ، وَطَفِقَا كِلاَهُمَا يَبْكِيَانِ مِنَ الْفَرَحِ.

12 ثُمَّ سَجَدُوا للهِ وَشَكَرُوا لَهُ وَجَلَسُوا.

13 فَأَخَذَ طُوبِيَّا مِنْ مَرَارَةِ الْحُوتِ وَطَلَى عَيْنَيْ أَبِيهِ

14 وَمَكَثَ مِقْدَارَ نِصْفِ سَاعَةٍ، فَبَدَأَ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنَيْهِ غِشَاوَةٌ كَغِرْقِئ الْبَيْضِ.

15 فَأَمْسَكَهَا طُوبِيَّا وَسَحَبَهَا مِنْ عَيْنَيْهِ، وَلِلْوَقْتِ عَادَ إِلَى طُوبِيَّا بَصَرُهُ.

16 فَمَجَّدَ اللهَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ يَعْرِفُهُ.

17 وَقَالَ طُوبِيَّا: «أُبَارِكُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ أَدَّبْتَنِي وَشَفَيْتَنِي، وَهَأَنَذَا أَرَى طُوبِيَّا وَلَدِي».

18 وَأَمَّا سَارَةُ كَنَّتُهُ فَوَصَلَتْ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ هِيَ وَجَمِيعُ الْعِيَالِ بِسَلاَمٍ وَالْغَنَمُ وَالإِبِلُ وَمَالٌ كَثِيرٌ مِمَّا لِلْمَرْأَةِ مَعَ الْمَالِ الَّذِي اسْتَوْفَاهُ مِنْ غَابِيلُوسَ.

19 وَأَخْبَرَ أَبَوَيْهِ بِجَمِيعِ إِحْسَانَاتِ اللهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ عَلَى يَدِ ذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي ذَهَبَ مَعَهُ.

20 وَوَفَدَ عَلَى طُوبِيَّا أَحْيُورُ وَنَبَاطُ وَهُمَا ذُوَا قَرَابَةٍ لَهُ فَرِحَيْنِ وَهَنَّآهُ بِجَمِيعِ مَا مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ

21 وَعَمِلُوا وَلِيمَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَفَرِحُوا كُلُّهُمْ فَرَحاً عَظِيماً.

الاصحاح الثاني عشر

1 حِينَئِذٍ دَعَا طُوبِيَّا ابْنَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرَى نُعْطِي هذَا الرَّجُلَ الْقِدِّيسَ الَّذِي ذَهَبَ مَعَكَ؟»

2 فَأَجَابَ طُوبِيَّا وَقَالَ لأَبِيهِ: «يَا أَبَتِ، أَيَّ أُجْرَةٍ نُعْطِيهِ، وَأَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ مُؤَازِياً لإِحْسَانِهِ؟

3 أَخَذَنِي وَرَجَعَ بِي سَالِماً، وَالْمَالَ هُوَ اسْتَوْفَاهُ مِنْ عِنْدِ غَابِيلُوسَ، وَبِهِ حَصَلْتُ عَلَى زَوْجَتِي، وَهُوَ كُفَّ عَنْهَا الشَّيْطَانَ، وَفَرَّحَ أَبَوَيْهَا، وَخَلَّصَنِي مِنِ افْتِرَاسِ الْحُوتِ، وَإِيَّاكَ أَيْضاً هُوَ جَعَلَكَ تُبْصِرُ نُورَ السَّمَاءِ، وَبِهِ غُمِرْنَا بِكُلِّ خَيْرٍ. فَمَاذَا عَسَى أَنْ نُعْطِيَهُ مِمَّا يَكُونُ مُؤَازِياً لِهذِهِ؟

4 لكِنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَبَتِ، أَنْ تَسْأَلْهُ هَلْ يَرْضَى أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ مِنْ كُلِّ مَا جِئْنَا بِهِ؟»

5 فَدَعَاهُ الْوَالِدُ وَوَلَدُهُ وَأَخَذَاهُ نَاحِيَةً وَجَعَلاَ يَسْأَلاَنِهِ أَنْ يَتَنَازَلَ وَيَقْبَلَ النِّصْفَ مِنْ جَمِيعِ مَا جَاءَا بِهِ.

6 حِينَئِذٍ خَاطَبَهُمَا سِرًّا وَقَالَ: «بَارِكَا إِلهَ السَّمَاءِ وَاعْتَرِفَا لَهُ أَمَامَ جَمِيعِ الأَحْيَاءِ لِمَا آتَاكُمَا مِنْ مَرَاحِمِهِ.

7 أَمَّا سِرُّ الْمَلِكِ فَخَيْرٌ أَنْ يُكْتَمَ، وَأَمَّا أَعْمَالُ اللهِ فَإِذَاعَتُهَا وَالاِعْتِرَافُ بِهَا كَرَامَةٌ.

8 صَالِحَةٌ الصَّلاَةُ مَعَ الصَّوْمِ، وَالصَّدَقَةُ خَيْرٌ مِنِ ادِّخَارِ كُنُوزِ الذَّهَبِ.

9 لأَنَّ الصَّدَقَةَ تُنَجِّي مِنَ الْمَوْتِ وَتَمْحُو الْخَطَايَا وَتُؤَهِّلُ الإِنْسَانَ لِنَوَالِ الرَّحْمَةِ وَالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ

10 وَأَمَّا الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْمَعْصِيَةَ وَالإِثْمَ فَهُمْ أَعْدَاءٌ لأَنْفُسِهِمْ.

11 أَمَّا أَنَا فَأُعْلِنُ لَكُمَا الْحَقَّ وَمَا أَكْتُمُ عَنْكُمَا أَمْراً مَسْتُوراً.

12 إِنَّكَ حِينَ كُنْتَ تُصَلِّي بِدُمُوعٍ وَتَدْفِنُ الْمَوْتَى وَتَتْرُكُ طَعَامَكَ وَتَخْبَأُ الْمَوْتَى فِي بَيْتِكَ نَهَاراً وَتَدْفِنُهُمْ لَيْلاً، كُنْتُ أَنَا أَرْفَعُ صَلاَتَكَ إِلَى الرَّبِّ.

13 وَإِذْ كُنْتَ مَقْبُولاً أَمَامَ اللهِ كَانَ لاَ بُدَّ أَنْ تُمْتَحَنَ بِتَجْرِبَةٍ.

14 وَالآنَ فَإِنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَكَ، وَأُخَلِّصَ سَارَةَ كَنَّتَكَ مِنَ الشَّيْطَانِ.

15 فَإِنِّي أَنَا رَافَائِيلُ الْمَلاَكُ أَحَدُ السَّبْعَةِ الْوَاقِفِينَ أَمَامَ الرَّبِّ».

16 فَلَمَّا سَمِعَا مَقَالَتَهُ هذِهِ، ارْتَاعَا وَسَقَطَا عَلَى أَوْجُهِهِمَا عَلَى الأَرْضِ مُرْتَعِدَيْنِ.

17 فَقَالَ لَهُمَا الْمَلاَكُ: «سَلاَمٌ لَكُمْ، لاَ تَخَافُوا،

18 لأَنِّي لَمَّا كُنْتُ مَعَكُمْ إِنَّمَا كُنْتُ بِمَشِيئَةِ اللهِ، فَبَارِكُوهُ وَسَبِّحُوهُ.

19 وَكَانَ يَظْهَرُ لَكُمْ أَنِّي آكُلُ وَأَشْرَبُ مَعَكُمْ، وَإِنَّمَا أَنَا أَتَّخِذُ طَعَاماً غَيْرَ مَنْظُورٍ وَشَرَاباً لاَ يُبْصِرُهُ بَشَرٌ.

20 وَالآنَ قَدْ حَانَ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى مَنْ أَرْسَلَنِي، وَأَنْتُمْ فَبَارِكُوا اللهَ وَحَدِّثُوا بِجَمِيعِ عَجَائِبِهِ».

21 وَبَعْدَ أَنْ قَالَ هذَا، ارْتَفَعَ عَنْ أَبْصَارِهِمْ، فَلَمْ يَعُودُوا يُعَايِنُونَهُ بَعْدَ ذلِكَ.

22 حِينَئِذٍ لَبِثُوا ثَلاَثَ سَاعَاتٍ مُنْطَرِحِينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ يُبَارِكُونَ اللهَ، ثُمَّ نَهَضُوا وَحَدَّثُوا بِجَمِيعِ عَجَائِبِهِ.

الاصحاح الثالث عشر

1 حِينَئِذٍ فَتَحَ طُوبِيَّا الشَّيْخُ فَاهُ مُبَارِكاً لِلرَّبِّ وَقَالَ: «عَظِيمٌ أَنْتَ يَا رَبُّ إِلَى الأَبَدِ وَفِي جَمِيعِ الدُّهُورِ مُلْكُكَ،

2 لأَنَّكَ تَجْرَحُ وَتَشْفِي وَتُحْدِرُ إِلَى الْجَحِيمِ وَتُصْعِدُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَنْ يَفِرُّ مِنْ يَدِكَ.

3 اِعْتَرِفُوا لِلرَّبِّ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَسَبِّحُوهُ أَمَامَ جَمِيعِ الأُمَمِ،

4 فَإِنَّهُ فَرَّقَكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ يَجْهَلُونَهُ لِكَيْ تُخْبِرُوا بِمُعْجِزَاتِهِ وَتُعَرِّفُوهُمْ أَنْ لاَ إِلهَ قَادِراً عَلَى كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ.

5 هُوَ أَدَّبَنَا لأَجْلِ آثَامِنَا، وَهُوَ يُخَلِّصُنَا لأَجْلِ رَحْمَتِهِ.

6 اُنْظُرُوا الآنَ مَا صَنَعَ لَنَا، وَاعْتَرِفُوا لَهُ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، وَمَجِّدُوا مَلِكَ الدُّهُورِ بِأَعْمَالِكُمْ.

7 أَمَّا أَنَا فَفِي أَرْضِ جَلاَئِي أَعْتَرِفُ لَهُ، لأَنَّهُ أَظْهَرَ جَلاَلَهُ فِي أُمَّةٍ خَاطِئَةٍ.

8 اِرْجِعُوا الآنَ أَيُّهَا الْخُطَاةُ وَاصْنَعُوا أَمَامَ اللهِ بِرًّا، وَاثِقِينَ بِأَنَّهُ يَصْنَعُ لَكُمْ رَحْمَةً.

9 أَمَّا أَنَا فَنَفْسِي تَتَهَلَّلُ بِهِ.

10 بَارِكُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ مُخْتَارِيهِ، أَقِيمُوا أَيَّامَ فَرَحٍ وَاعْتَرِفُوا لَهُ.

11 يَا أُورُشَلِيمُ مَدِينَةَ اللهِ إِنَّ الرَّبَّ أَدَّبَكِ بِأَعْمَالِ يَدَيْكِ.

12 اُشْكُرِي للهِ نِعْمَتَهُ عَلَيْكِ، وَبَارِكِي إِلهَ الدُّهُورِ حَتَّى يَعُودَ فَيُشَيِّدَ مَسْكِنَهُ فِيكِ، وَيَرُدَّ إِلَيْكِ جَمِيعَ أَهْلِ الْجَلاَءِ، وَتَبْتَهِجِي إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ.

13 تَتَلأْلَئِينَ بِسَنًى بَهِيجٍ وَجَمِيعُ شُعُوبِ الأَرْضِ لَكِ يَسْجُدُونَ.

14 يَزُورُكِ الأُمَمُ مِنَ الأَقَاصِي بِقَرَابِينِهِمْ وَيَسْجُدُونَ فِيكِ لِلرَّبِّ وَيَعْتَدُّونَ أَرْضَكِ أَرْضاً مُقَدَّسَةً،

15 لأَنَّهُمْ فِيكِ يَدْعُونَ الاِسْمَ الْعَظِيمَ.

16 مَلْعُونِينَ يَكُونُونَ الَّذِينَ اسْتَهَانُوا بِكِ، وَالَّذِينَ جَدَّفُوا عَلَيْكِ يُدَانُونَ، وَيُبَارَكُ الَّذِينَ يَبْنُونَكِ.

17 أَمَّا أَنْتِ فَتَفْرَحِينَ بِبَنِيكِ، لأَنَّهُمْ يُبَارَكُونَ كَافَّةً، وَإِلَى الرَّبِّ يَحْتَشِدُونَ.

18 طُوبَى لِلَّذِينَ يُحِبُّونَكِ وَيَفْرَحُونَ لَكِ بِالسَّلاَمِ.

19 بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَنَا خَلَّصَ أُورُشَلِيمَ مَدِينَتَهُ مِنْ جَمِيعِ شَدَائِدِهَا.

20 طُوبَى لِي إِنْ بَقِيَ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُبْصِرُ بَهَاءَ أُورُشَلِيمَ.

21 أَبْوَابُ أُورُشَلِيمَ مِنْ يَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ وَكُلُّ مُحِيطِ أَسْوَارِهَا مِنْ حَجَرٍ كَرِيمٍ،

22 وَجَمِيعُ أَسْوَاقِهَا مَفْرُوشَةٌ بِحَجَرٍ أَبْيَضَ نَقِيٍّ، وَفِي شَوَارِعِهَا يُنْشَدُ هَلِّلُويَا.

23 مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي عَظَّمَهَا، وَلِيَكُنْ مُلْكُهُ فِيهَا إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ».

الاصحاح الرابع عشر

1 وَفَرَغَ طُوبِيَّا مِنْ كَلاَمِهِ وَعَاشَ طُوبِيَّا بَعْدَمَا عَادَ بَصِيراً اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَرَأَى بَنِي حَفَدَتِهِ.

2 فَتَمَّتْ سِنُوهُ مِئَةً وَاثْنَتَيْنِ وَدُفِنَ بِكَرَامَةٍ فِي نِينَوَى.

3 وَكَانَ حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ ابْنَ سِتَّ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَعَادَ يُبْصِرُ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً،

4 وَقَضَى بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ مَسْرُوراً. وَإِذْ بَلَغَ مِنْ تَقْوَى اللهِ غَايَةً حَسَنَةً، انْتَقَلَ بِسَلاَمٍ.

5 وَلَمَّا حَضْرَتْهُ الْوَفَاةُ، دَعَا ابْنَهُ طُوبِيَّا وَبَنِي ابْنِهِ السَّبْعَةَ الْفِتْيَانَ وَقَالَ لَهُمْ:

6 «قَدْ دَنَا دَمَارُ نِينَوَى، لأَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ لاَ يَذْهَبُ بَاطِلاً، وَإِخْوَتُنَا الَّذِينَ تَفَرَّقُوا مِنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا،

7 وَكُلُّ أَرْضِهَا الْمُقْفِرَةِ سَتَمْتَلِئُ، وَبَيْتُ اللهِ الَّذِي أُحْرِقَ فِيهَا سَيُسْتَأْنَفُ بِنَاؤُهُ، وَسَيَرْجِعُ إِلَى هُنَاكَ جَمِيعُ خَائِفِي اللهِ.

8 وَسَتَتْرُكُ الأُمَمُ أَصْنَامَهَا وَتَرْحَلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَتُقِيمُ بِهَا.

9 وَتَفْرَحُ فِيهَا مُلُوكُ الأَرْضِ كَافَّةً سَاجِدَةً لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ.

10 اِسْمَعُوا يَا بَنِيَّ لأَبِيكُمُ، اعْبُدُوا الرَّبَّ بِحَقٍّ، وَابْتَغُوا عَمَلَ مَرْضَاتِهِ،

11 وَأَوْصُوا بَنِيكُمْ بِعَمَلِ الْعَدْلِ وَالصَّدَقَاتِ، وَأَنْ يَذْكُرُوا اللهَ وَيُبَارِكُوهُ كُلَّ حِينٍ بِالْحَقِّ وَبِكُلِّ طَاقَتِهِمْ.

12 اِسْمَعُوا لِي يَا بَنِيَّ، لاَ تُقِيمُوا ههُنَا، بَلْ أَيَّ يَوْمٍ دَفَنْتُمْ وَالِدَتَكُمْ مَعِي فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَجِّهُوا خَطَوَاتِكُمْ لِلْخُرُوجِ مِنْ هذَا الْمَوْضِعِ،

13 فَإِنِّي أَرَى أَنَّ إِثْمَهُ سَيُهْلِكُهُ».

14 فَكَانَ أَنَّ طُوبِيَّا بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ، ارْتَحَلَ عَنْ نِينَوَى بِزَوْجَتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ، وَرَجَعَ إِلَى حَمَوَيْهِ.

15 فَوَجَدَهُمَا سَالِمَيْنِ بِشَيْخُوخَةٍ صَالِحَةٍ فَاهْتَمَّ بِهِمَا، وَهُوَ أَغْمَضَ أَعْيُنَهُمَا، وَأَحْرَزَ كُلَّ مِيرَاثِ بَيْتِ رَعُوئِيلَ، وَرَأَى بَنِي بَنِيهِ إِلَى الْجِيلِ الْخَامِسِ.

16 وَبَعْدَ أَنِ اسْتَوْفَى تِسْعاً وَتِسْعِينَ سَنَةً فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، دُفِنَ بِفَرَحٍ.

17 وَلَبِثَ كُلُّ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَجَمِيعُ أَعْقَابِهِ فِي عِيشَةٍ صَالِحَةٍ وَسِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ، وَكَانُوا مَرْضِيِّينَ لَدَى اللهِ وَالنَّاسِ وَجَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ.


عن الكاتب

مدونة مسيحية - Christian blog

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع النسور المسيحية