الرد على شبهة : ” وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ “
“آية (يو 8: 40): وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. “
يدعى غير المؤمنين ان هذه الآيه وهى التى بفم المسيح دليلاً على انه ليس إلهاً ولكنه انسان مثله مثل كل البشر أرسله الله نبياً ورسولاً واعطاه رساله لكى يبلغها لبنى إسرائيل !
للرد نقول :
1. كل المسيحيين على وجه الارض يؤمنون ان المسيح ” انساناً كاملاً ” كما انهم يؤمنون انه هو الله . اذاً قول المسيح ” انا انسان ” ليس ضد الايمان المسيحى بل يؤكده . فالمسيح هو كلمة الله الخالق ، وفى ملء الزمان تجسد أى صار بشراً كاملاً وهذا ما قد صرح به الإنجيل المقدس ” [ يو1] فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَان . وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. “
2. اعتقد المشكك ان المسيح مجرد إنسان نبى ورسول جاء برسالة من الله لانه قال ” الذى سمعه من الله ” فى الحقيقة هذا غير صحيح لسببين :
– السبب الأول :
نعلم ان المسيح هو أقنوم ” الكلمة ” [1] او ” الحكمة ” [2] وأقنوم الكلمة أو الحكمة هو كائن فى الذات الألهية اى انه هو الله بالطبيعة [3] ولكن لاجل التمايز الأقنومى فى الذات الألهية بين الآب والكلمة [4] فالآب قادر على مخاطبة كلمتهُ وكلمة الله قادر على مخاطبة الآب [5] وهذا نشاط ذاتى وقدرة إلهيه فى الكيان والجوهر الألهى الواحد ، لهذا نفهم كيف يسمع المسيح من الله فى حين انه هو الله . وهذا ايضاً نراه فى أقنوم الروح القدس ، فالمسيح قد اعلن ان الروح القدس ” منبثق من الآب ” وهذا يعنى انه من الذات الألهيه ، فى نفس الوقت نرى المسيح يقول عنه انه ” يتكلم بما يسمعه ” وبهذا نفهم انه فى الذات الألهيه هناك نشاط قائم بين الله وكلمتهُ وروحه فى حين ان الله وكلمته وروحه إله واحد .
– السبب الثانى :
بالرغم من ان المسيح هو الله فنحن نعلم انه ” أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ ” (في 2: 7) لهذا المسيح اقنوم الكلمة الذى تجسد وصار عبداً وإنساناً كان يسمع الحق من الله الآب ويعطيه لكل إنسان بكونه ابن الله المتجسد الذى اخلى ذاته وصار عبداً وعين نفسه نبياً لاجل خلاص كل البشر .
بهذا نفهم ان قول المسيح ” وانا إنسان قد كلمكم بالحق الذى سمعه من الله ” لا يعارض الوهيته وربوبيته بل تؤكدها وتؤكد تجسده فى طبيعه بشرية كاملة.
انتهى بنعمة رب المجد
_________________________
[1] المسيح هو أقنوم الكلمة : – ” [ يوحنا1] فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَان . وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. ”
– “آية (رؤ 19: 13): وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ». ”
– “آية (إش 55: 11): هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ. ”
– “آية (مز 107: 20): أَرْسَلَ كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ، وَنَجَّاهُمْ مِنْ تَهْلُكَاتِهِمْ. ”
[2] المسيح هو أقنوم الحكمة : – “آية (1 كو 1: 24): وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ. ”
– “آية (لو 11: 49): لِذلِكَ أَيْضًا قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلاً، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ ”
– “آية (كو 2: 3): الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ. ”
[3] المسيح كائن فى الذات الألهية : – “آية (في 2: 5): فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا:الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ “ التعليق على الآيه : يقول بولس الرسول فى هذا العدد ان المسيح هو ” صورة الله ” وكلمة صورة الله هنا فى اصله اليونانى ليست ككلمة ” صورة الله ” فى هذا العدد “آية (كو 1: 15): الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ ” فكلمة صورة الله فى (كو 1: 15) هى εἰκὼν والتى تعنى صوره خارجية والتى تترجم فى الإنجليزية image ، ولكن الكلمة المستخدمة فى (في 2: 5) هى μορφή والتى تعنى كما قال القاموس اليونانى فى مساعد الكلمات : التي تجسد الأساس (الداخلي) للمادة بحيث يكون النموذج في وئام تام مع جوهر الداخلي [20] وهذا يعنى ان عبارة ” الذى اذ كان فى صورة الله ” تعنى ان المسيح هو كائن فى الجوهر الالهى وهو من الاساس الداخلى وطبق الاصل من مادة هذا الجوهر الالهى اى انه يحمل الجوهر الالهى وهو منهُ اى من طبيعته ، ولاجل هذا قامت ترجمات الكتاب المقدس بترجمة هذا النص كالاتى لانه يعلن بكل قوة الوهية المسيح وحقيقة جوهره :
New International Version
Who, being in very nature God , did not consider equality with God something to be used to his own advantage;
الذي، كان في طبيعة الله، لم يحسب المساواة مع الله شيء لاستخدامها لمصلحته الخاصة.
New Living Translation
Though he was God , he did not think of equality with God as something to cling to.
على الرغم من أنه كان الله، وقال انه لا يفكر في المساواة مع الله شيء ما التشبث.
Weymouth New Testament
Although from the beginning He had the nature of God He did not reckon His equality with God a treasure to be tightly grasped.
وعلى الرغم من البداية كان لديه طبيعة الله وقال انه لا يحسب له المساواة مع الله كنز يجب اغتنامها بإحكام.
[4] هذا الجزء من الإصحاح الاول من إنجيل يوحنا ” وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ ” يعطينا بوضوح التمايز الأقنومى بين الآب والكلمة فى الذات الألهية
[5] “آية (زك 2: 8): لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: بَعْدَ الْمَجْدِ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُمَمِ الَّذِينَ سَلَبُوكُمْ، لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ. لأَنِّي هأَنَذَا أُحَرِّكُ يَدِي عَلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ سَلَبًا لِعَبِيدِهِمْ. فَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي. «تَرَنَّمِي وَافْرَحِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ، لأَنِّي هأَنَذَا آتِي وَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ، يَقُولُ الرَّبُّ. فَيَتَّصِلُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ بِالرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا فَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ. “ نرى فى هذه الأعداد أقنوم الابن يقول ان رب الجنود ارسله اى الآب وياخذ الأبن هنا اسم يهوه فى قوله ” يقول الرب ” اى ان المتكلم هنا الرب ويقول الرب ان الرب ارسله ! وكلمة الرب فى النص العبرى هى اسم الله ” يهوه ” ونرى هنا ان الأبن يهوه يخاطب الآب يهوه فى حين ان يهوه هو إله واحد اذاً هناك عمل ذاتى بين الآب وكلمته فى الذات الألهية وهو القدرة على مخاطبة بعضهم بعض .